ألعاب الفيديو ليست خطيرة على الأطفال كما يُشاع!

فريق فكر فيها

نشر بتاريخ: الخميس، ٥ جمادى الآخرة ١٤٤٤ هـ

يضع الآباء والمربّون والمجتمع بشكل عام اللّوم على ألعاب الفيديو عند رؤية أيّ سلوك سيّء للطفل أو عند تدنّي علاماته الدراسية، إذ يرون بأنّها تؤدّي للكسل والغباء وتقود للعنف والأفكار السوداوية. لكن هل هذا صحيح بالفعل؟

مخاطر ألعاب الفيديو حسب الدراسات

هناك دراسات تتحدّث عن سلبيات ألعاب الفيديو، لكنّ الباحثين على الطرف الآخر يرون بأنّها تنظر إلى زاوية واحدة وليست مؤكّدة فعليا، وهو ما أشارت إليه أبحاث حديثة تمّت على نطاق أوسع. العنف والاكتئاب والإدمان هي أكثر المشاكل الّتي تقول الدّراسات بأنّها مرتبطة بألعاب الفيديو.

أمّا عن المشاكل الأخرى الّتي قد تقود إليها ألعاب الفيديو، نذكر: القتل، استخدام المخدرات والكحول، السلوك إجرامي، السلوك الجنسي والعنف ضد النساء، تبنّي العنصرية، لغة بذيئة. لكن هل هذه المشاكل حقّا مرتبطة بألعاب الفيديو؟

تمّ إجراء دراسة سنة 2013 على 217 طفلا من الجنسين وجدت بأنّ الألعاب لا تزيد العنف، وأنّ الأطفال ممّن يلعبون ألعاب الفيديو كانوا أفضل سلوكا في المدرسة من الأطفال الّذين لا يلعبون. إضافة لذلك، رغم تصنيف منظّمة الصحّة العالمية لإدمان ألعاب الفيديو كاضطراب يجب علاجه، إلّا أنّ نسبة المدمنين لا تتجاوز 3 إلى 4 بالمئة من مجموع اللّاعبين. وهذا قد يعني بأنّ حالات الإدمان ليست الأمر الطبيعي، بل هي حالات مرضية معزولة.

أمّا فيما يخصّ تأثير ألعاب الفيديو على دماغ اللّاعب والتأثير على تحصيله الدراسي، فيبدو أنّ العكس هو ما يحصل!

ألعاب الفيديو تقوم بتحسين الوظائف المعرفية لدى الأطفال

وجدت دراسة أُجريت حديثا، في عام 2022، على نطاق واسع نتائج مغايرة لما يعتقده الكثيرون عن ألعاب الفيديو. تتبعت الدراسة حالة 2217 طفلا من الجنسين. وجدت بأنّ الأطفال ممّن يلعبون ألعاب الفيديو لثلاث ساعات أو أكثر يوميا يؤدّون أفضل فيما يخصّ الوظائف المعرفية، مثل الاستجابة والذاكرة العاملة، مقارنة بمن لا يلعبون ألعاب الفيديو.

لكن لاحظت الدراسة أيضا بأنّ من يلعبون لأكثر من ثلاث ساعات لديهم مشاكل في الصحّة النفسية والسلوك، مع العلم بأنه تم ذكر الحاجة للمزيد من التقصي قبل الوصول لهذا الاستنتاج.

أوضحت دراستان أيضا لباحثين عامي 2017 و2022، بأنّ الأطفال لاعبي ألعاب الفيديو يتفوّقون على غيرهم فيما يخصّ الوظائف المعرفية مثل التبديل بين المهام وتقسيم الانتباه بين عدّة أشياء متحرّكة وتذكّر مكان الأشياء المخبّئة.

قامت الدّراسة أيضا باختبارات العقل على الأطفال، وقد تبيّن بأنّ لاعبي ألعاب الفيديو ارتكبوا أخطاءً أقلّ من غيرهم، كما يملكون سرعة استجابة أفضل ولديهم زيادة في نشاط الدماغ المرتبط بالذاكرة العاملة. وقد بيّنت الدراسة أيضا بأنّ مدمني الألعاب يؤدّون بشكل أسوأ في مثل هذه الاختبارات، وهنا نذكر أن اللاعب عادي الذي يجد الإيجابيات المذكورة أعلاه تسقط عنه الفوائد حين يتحوّل لمدمن.

وقد قال الباحثون بأنّه طالما لا تؤثّر ألعاب الفيديو على الحصول على وقت نوم كاف وتغذية سليمة ونشاط بدني كاف، وطالما أنّها لا تؤثّر على التحصيل الدراسي، فلا يجب القلق منها بل يجب الانتباه إلى إيجابياتها على الطفل. وفي حال ما كان اللّاعب مدمنا لا يستطيع التوقّف عن اللّعب ينسحب من جميع الأنشطة الأخرى، فمن الأفضل رؤية معالج نفسي لمعرفة إذا ما كان إدمان اللّعب هو وسيلة للتعامل مع مشاكل أخرى يواجهها اللّاعب في حياته. يذكرني هذا الاستنتاج بتشريع الكحول وأنواع من المخدرات ثم القول بأنّه في حال الوصول لمرحلة الإدمان فمن الأفضل رؤية معالج نفسي. لو سمع الباحثون عن راشد الماجد "أبعد عن الشر يا عمري وغنيله" لكان لهم قول آخر والله أعلم.

الرضا والسعادة من ضمن إيجابيات تأثير ألعاب الفيديو على الأطفال

وجدت سلسلة دراسات لجمعية علم النفس الأمريكية سنة 2013 بأنّه يمكن لألعاب الفيديو البسيطة تحسين المزاج ومنح الشعور بالاسترخاء والتخلّص من القلق. إضافة لذلك، تعلّم ألعاب الفيديو الطفل كيفية التعامل مع الفشل وتجاوزه، وذلك عند الفشل في إنجاز المهام في اللّعبة، كما تمنح الطفل القدرة على التعامل مع المشاعر السلبية وتمنحه الشعور بالرضا عند إنجاز المهام بنجاح.

تحسّن ألعاب الفيديو أيضا مهارات حلّ المشكلات، وتؤدّي إلى الحصول على درجات أفضل في المدرسة. كما تقوم ألعاب الفيديو أيضا بتحسين الجانب الإبداعي للطفل. وقد تبيّن بأنّ ألعاب إطلاق النّار خاصّة تساعد في تحسين قدرة اللّاعب على التفكير في الأشياء بثلاثة أبعاد تماما مثلما تقوم الدورات الأكاديمية المصمّمة لتحسين هذه المهارات.

أمّا فكرة أن الألعاب تسبب انعزال الطفل اجتماعيا، كانت النتيجة تدعم فكرة معاكسة. إذ يلعب حوالي 70 بالمئة من اللّاعبين مع صديق، ويشارك غالبية اللّاعبون في ألعاب تتضمّن الفرق الّتي تتطلّب التواصل والمحادثة والتعاون لإنجاز المهام. قد تكون آلية تواصل الناس اجتماعياً تغيرت (يا شيبة). إضافة لذلك، يقضي الطفل خلال لعب ألعاب الفيديو الوقت في التواصل مع اللّاعبين من مختلف الأعمار والثقافات وبلغات مختلفة، وهو ما يحطّم الكثير من الحواجز ويقدّم للطفل تجربة جديدة. لكن ربّما تكون هذه نظرة متفائلة جداً، لأنّ غياب الحواجز يسبب خطورة كبيرة على الأطفال من ناحية تعرضهم لشبكات إرهابيةوتنمروتحرش جنسي.

الاعتدال هو المفتاح

بحسب الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، فإنّ ظهور علامات إدمان اللّعب هي أمر يجب الحذر منه، ويتمثّل أهمّها في تواصل أقلّ مع العائلة والأصدقاء، وامتلاك مهارات اجتماعية ضعيفة، وقلّة النّوم، وتدهور التحصيل الدراسي، وظهور أفكار وسلوكيات عنيفة.

فكر فيها

الإنسان أكثر تعقيداً لنستطيع أن نجزم بشكل كلي أو للتعميم على تأثير عنصر مثل الألعاب الالكترونية على جميع الأطفال بنفس الأثر. سواء مع أو ضد، يتطلب الموضوع عشرات الدراسات لتجميع كميات كافية من النتائج لتغطي كمية شاملة من المتغيرات التي تتأثر مع الألعاب الالكترونية من أجل الوصول إلى جواب شمولي حقيقي. إلى ذلك اليوم، يتمثّل الخطر الحقيقي أن نترك أطفالنا مع هذا العالم الجديد (على أفضل تقدير لم تتجاوز هذه الصنعة ٤٠ عاماً) بدون الكثير من الحيطة والحذر. معدل سن اللاعب هو ٤٠ عام (معدل عالمي). لأن طفلك في الصالة تعتقد أنه يلعب مع أقرانه لكن لكن لكن ليكن عندنا مفهوم أفضل للألعاب الالكترونية تخيل بنتك في ديوانية مع شاب عمره ٢٠ واثنين فوق الثلاثين وآخر ١٣ وناس داخلة وناس خارجة الديوانية بدون قيود وممكن أي أحد من المجاهيل يكلم طفلتك يبغاها في قيم أو ممكن بس كلمة راس!

المراجع

شارك المنشور على

فريق فكر فيها

انضم لقائمتنا البريدية: